• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

يعدّ أبو عبيدة بن الجرّاح الفهري القرشيّ، صحابي جليل وأمين الأمّة الإسلاميّة، وله عدّة مواقف مشرّفة في تاريخ الإسلام، وكان لابد من الحديث عنه في مثل هذه الفترة التي تمر فيها أمتنا الإسلامية والعربية بأوقات صعبة وتحديات كبيرة.

سيرته 

هو عامر بن عبدالله بن الجراح القرشي ، ينتهي نسبه إلى فهر بن مالك الذي يدعى قريشاً كنيته أبو عبيدة و قد اشتهر بها كثيراً، و هو من العشرة المبشرين بالجنة أسلم أبو عبيدة في وقت مبكر من تارسخ الدعوة الإسلامية، و قد كان خامس خمسة أسلموا على يد أبي بكر الصديق، و لقد أسلم رضي الله عنه قبل أن يتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم مقرًا سريًا لقيادة المسلمين و تجمعاتهم.

وقد هاجر أبو عبيدة رضي الله عنه الهجرتين، الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة المنورة. 

كان أبو عبيدة محاربًا شجاعًا و قائدًا حكيمًا اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة أميرًا لبعض السرايا و الإمدادات، واختاره أبو بكر قائدًا على جيش من الجيوش التي أرسلها لفتح بلاد الشام ، و رأى أن يكون أميرهم إذا اجتمعوا وتشاورا في القتال شهد أبو عبيدة المشاهدة كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد شهد بدراً وقاتل فيها، و هو من الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم كما شهد أبو عبيدة غزوة أحد و أبلى فيها أحسن بلاء.

وكان من القلائل الذين ثبتوا حتى نهاية المعركة، و قد كان يؤثر رسول الله على نفسه و الناس أجمعين و قد روي أن أبا عبيدة قد أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم و قد غارت حلقتا المغفر في وجنتيه ، فأراد أبو بكر أن ينزعهما فأبى عليه أبو عبيدة، و أصر أن ينال هذا الشرف و ينزعهما، فقد حدث أبو بكر قال : كنت في أول من فاء يوم أحد و بين يدي رسول الله (ص) رجل يقاتل عنه و أراه قال : و يحميه قال فقلت : كن طلحة حيث فاتني ما فاتني قال : و بيني و بين المشرق رجل لا أعرفه و أنا أقرب إلى رسول الله (ص) منه و هو يخطف السعي خطفاً لا أخطفه فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح فدفعنا إلى رسول الله (ص) جميعاً، وقد كسرت رباعيته و شج في وجهه و قد دخل في وجنتيه حلقتان من حلق المغفر فقال لنا رسول الله (ص) عليكم بصاحبكم يريد طلحة و قد نزف فلم ينظر إليه فأقبلنا على رسول الله (ص) و أردت ما أراد أبو عبيدة و طلب إلي فلم يزل حتى تركته و كان حلقته قد نشبت و كره أن يزعزعها بيده فيؤذي النبي (ص) فأزم عليه بثنيته و نهض و نزعها و ابتدرت ثنيته فطلب إلي و لم يدعني حتى تركته فأكار على الآخرى فصنع مثل ذلك و نزعها و ابتدرت ثنيته فكان أبو عبيدة أهتم الثنايا.

وصيته ووفاته

توفّي أبو عبيدة رضي الله عنه على إثر إصابته بمرض طاعون عمواس الشّهير في السّنة الثامنة عشرة للهجرة عن عمرٍ يناهز ثمانيةً وخمسين عاماً، وقد استخلف معاذ بن جبل على الجند بعد موته.

وأخرج الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي سعيدٍ المقبريّ قال: مات أبو عبيدة بن الجرّاح، فقام معاذٌ في النّاس فقال: إنّكم أيّها النّاس قد فجعتم برجلٍ واللّه ما أزعم أنّي رأيت من عباد الله عبدًا قطّ أقلّ غمزًا ولا أبرّ صدرًا، ولا أبعد غائلةً، ولا أشدّ حبًّا للعاقبة، ولا أنصح للعامّة منه، فترحّموا عليه رحمه اللّه، ثمّ أصحروا للصّلاة عليه، فاجتمع النّاس، وأخرج أبو عبيدة، وتقدّم معاذٌ فصلّى عليه حتّى إذا أتى به قبره دخل قبره معاذ بن جبلٍ وعمرو بن العاص والضّحّاك بن قيسٍ، فلمّا وضعوه في لحده وخرجوا فشنّوا عليه التّراب، فقال معاذ بن جبلٍ: يا أبا عبيدة، لاثنينّ عليك ولا أقول باطلاً أخاف أن يلحقني بها من الله مقتٌ كنت واللّه ما علمت: من الذّاكرين اللّه كثيرًا، ومن الّذين يمشون على الأرض هونًا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلامًا، ومن الّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، وكان بين ذلك قوامًا وكنت واللّه من المخبتين المتواضعين الّذين يرحمون اليتيم والمسكين ويبغضون الخائنين المتكبّرين.

وكانت وصيته قبل وفاته : " يا أيّها النّاس! توبوا إلى الله من ذنوبكم توبةً نصوحا، فإنّ عبداً لا يلقى الله تائباً من ذنبه إلّا كان حقّاً على الله أن يغفر له، من كان عليه دين فليقضه، فإنّ العبد مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجراً أخاه فليصالحه، ولا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه أكثر من ثلاث، إنّكم أيّها المسلمون قد فجعتم برجلٍ ما أزعم أنّي رأيت عبدا أبرّ صدراً و لا أبعد غائلة، ولا أشدّ حبّاً للعامّة، ولا أنصح للعامّة منه فترحّموا عليه رحمه الله، واحضروا الصلاة عليه".

أضف تعليقك