• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: الدكتور سيف الدين عبد الفتاح

أردت أن أستكمل تلك القوائم التي تشكل أركان عدم صلاحية المنقلب السيسي بأن يحكم مصر أو يستمر في حكمها غرضنا من ذلك أن نؤكد أن مسألة الشرعية لا يمكن أن تكون بحال بإجراء انتخابات شكلية مزيفة، ولكن الشرعية عملية رضا حقيقي تتراكم من البداية للنهاية في تنصيب الحكم والتأسيسي وفي القيام بإنجاز وأداء، إنها الشرعية حينما ترتبط بعملية اكتساب مستمرة، فالشرعية ما بين الإضفاء والاكتساب والنقصان والفقدان، ومن هنا تكون الانتخابات واحدة من أهم مؤشرات الشرعية ان كانت تدل على موجبات الرضا وتتوسل مسالك الاختيار، وعلى هذا قررت أن أؤجل الكتابة في القوائم الأخرى من قوائم الفساد والفجر والخيانة، لأجعل مما حدث في انتخابات 2018 الهزلية مسوغا إضافيا وقائمة من التجاوزات والانتهاكات والجرائم السياسية التي يرتكبها السيسي في حق المواطن والوطن والدولة، وحتى في حق الدستور الذي اصطنعه على عينه فإنه أول من لا ينتهكه فحسب ولكن هو من أول المستخفين به يدوس عليه بأقدامه.

وفي هذا المقام فإننا لا بد وأن نتساءل منذ البداية هل تلك انتخابات؟!؛ فنؤكد أن ما جرى في مصر واكتملت به العملية الانتخابية التي نطلق عليها ذلك تجاوزا لا تشكل بأي حال من الأحوال أي صلة بفهم الانتخابات وجوهرها وشروطها وعملياتها المختلفة، وكذلك كل ما من شأنه يعبر عن الرضا والاختيار ويؤسس لمعنى الشرعية الحقيقية، ان الذي اغتصب السلطة أول مرة وقطع الطريق على مسار ديمقراطي وأتى على وقع قعقعة السلاح وصناديق الذخيرة لا يمكن أن يقيم وزنا لصناديق الانتخابات أو عملية الانتخابات في جوهرها، بل أقصى ما يمكن أن يقوم به صناعة شكل انتخابات زائفة حتى يعلن شكلا أنه قام بانتخابات ولو صرف عليها الملايين، ومن أهم المؤشرات الانتخابية كما قلنا هي مسالة الرضا والاختيار كجوهر لعملية الانتخاب ثم تأسيس بيئة انتخابية حرة وسياقات انتخابية حقيقية لإجرائها، وبعد ذلك انفساح المجال لعمليات ترشيح واسعة وحرة تؤكد نزاهة عملية الترشيح من دون أدنى معوقات إلا في ظل قواعد واضحة تعد شروطا للترشيح، شروط منظمة لا شروط مٌعجِزة، ذلك أن تنظيم الحق ركن فيه لا ينتقضه ولا ينفيه ولا يكر على أصل الحق بالتعويق أو الإبطال.

وتستكمل هذه المنظومة الانتخابية في عملياتها في الإجراء الحقيقي للانتخابات والممارسات المتعلقة بها بحيث لا يحول النظام أو تلك المنظومة التي تشرف على الانتخابات بين المواطن والإبداء عن رأيه، سواء في العملية الانتخابية برمتها أو في اختياره لأحد المرشحين، وهذه مسالة محوطة بالضمانات الأساسية التي تتعلق بالنزاهة والحرية وإجراء الانتخابات بكل شفافية، ولا شك أن هذه الأمور لا تشكل فحسب نصوصا في الدساتير أو في قوانين الانتخابات ولكنها أعراف سياسية مستقرة ومعتبرة ومتفق عليها في إجراء الانتخابات الديمقراطية.

وتتكامل المنظومة الانتخابية باتخاذ كافة الإجراءات ليس فقط لإجراء عملية التصويت في سياق من الحرية والشفافية ولكن في رقابة هذه العملية من وحمايتها من أي تدخل من أي سلطة كانت سواء أكان هذا التدخل ماديا مانعا أو تدخلا معنويا مروعا ومفضوحا، الذي يشكل في حقيقة الأمر ذات الأثر في التخويف والمنع، تلك هي الانتخابات كما نقرأ عنها في كتابات العلوم السياسية ونظم الحكم وكما نشهد في الممارسات في انتخابات ديموقراطية تتسم بالنزاهة والحرية.

ومن أهم الجرائم التي ترتبط بانتخابات السيسي هي عمليات التزوير من المنبع وإلى المصب، من المنبع الذي يتعلق بالسياقات الرئيسية ومن المصب الذي يتعلق بنتائج الانتخابات المفبركة وهنا تكون عملية التزوير لا نحتاج إلى كثير من المؤشرات والقرائن التي تؤكد زيف العملية الانتخابية وتزويرها من الأساس، أول معني يأتي إلى الذهن حين سماع كلمة تزوير؛ تسويد البطاقة أو تبديل الصوت أو شراء الصوت وكل عمليات الفساد اللي تحدث عند عد الأصوات، التزوير في امتدادته وتعدد أشكاله يشكل عائلة متكاملة ومفهوم يرتبط بمناحٍ كثيرة، حتى يشكل حالة مجتمعية، القانون ينظر للتزوير على أنه ظاهرة تهدف إلى تغيير للحقيقة بقصد الاحتيال والغش بإحدى الطرق المادية والمعنوية التي يحاسب عليها القانون، لأنها تحدث ضررا بالمصلحة العامة ضمن مسارات صناعة الوهم.

   التزوير ليس ورقة تُسود، ولا صوت يُبدل، ولا رشاوي تُدفع، التزوير وفق هذا التصور عملية كاملة تحدث في جميع المراحل أهونها فساد المال وأخطرها فساد الذمم وتشويه الفطر، التزوير عملية كاملة.. لأن النظام الذي يسود البطاقة لا يقوم بذلك فحسب بل هو يقوم بتسويد العقول وتبديل المشاعر وغسيل الأمخاخ.. التزوير في الانتخابات صناعة متكاملة ممتدة ومتراكمة تجعله ليس في حاجة إلى تسويد البطاقات لأن الناس حينئذ من خلال التلاعب ستفعل مع تدشين عقلية الإذعان وتشكيل الرضا الكاذب بحيث تدفع عموم الناس لاستدعاء أفعال مواتية لمنظومة الفساد والاستبداد وتعيش بيئة مزورة فتسلك كل مسالك التزوير.

وفي هذا المقام نشير إلى خمسة أركان في عملية التزوير كجريمة ارتكبها هذا النظام الانقلابي:

الركن الأول: تزوير البيئة الانتخابية في إطار تصنيع جمهورية الخوف ضمن استراتيجيات الترويع والتفزيع والتجويع وصياغة عقلية القطيع.

 

التزوير المعنوي هو بيئة تتعلق بأداء إعلامي زائف يحمل كل دعايات الكذب والإفك والتزوير والتغرير بالمواطنين والضغوط المباشرة وغير المباشرة

الركن الثاني: تزوير عمليات الترشيح وسد كل المنافذ التي تتعلق بفرض انتخابات حقيقية ذات مصداقية وفاعلية وهو أمر يتعلق بصياغة ما أسميناه الانتخابات القسرية التي أبرزت عمليات الترشيح حالة من الجبرية والفاشية بل والبلطجة السياسية من قبل السيسي المستبد الفاشي وأحد المرشحين في مواجهة مرشحين محتملين حقيقيين.

الركن الثالث: التزوير في عملية الإجراء وهي حالة لا تختلف من عمليات التصويت القسرية أو التصويت بالرشوة ضمن عملية تزوير كبرى لعمليات التصويت فضلا عن قيام بعض اللجان بالتجاوز في عمليات التوثيق وعمليات الانتهاك.

الرابع: هو التزوير في النتائج وهذه مسالة تحدث فيها النظام الفاشي عن نتائج مسبقة قبل إجراء العملية الانتخابية وبعد أن تأكد للجميع عمليات مقاطعة واسعة تؤكد عدم ثقة التكتل الانتخابي في عملية الانتخابات برمتها ولا شك أن حجم الأصوات الباطلة يشكل مؤشرا مهما في هذا المقام.

الركن الخامس: يتعلق بالتزوير المعنوي وهي بيئة تتعلق بأداء إعلامي زائف يحمل كل دعايات الكذب والإفك والتزوير والتغرير بالمواطنين والضغوط المباشرة وغير المباشرة لو أردنا أن نثبت كل هذا الأمور فإن البعض الذين تابعوا هذه العملية الانتخابية قد أثبتوا جملة من الوقائع التي تمثل خطا عاما وممنهجا للدولة الفاشية والمنظومة البوليسية التي قامت بكل ما من شأنه أن تخرج طبعة زائفة من الانتخابات تعبر عن حالة من الجبر والفجر والظلم والاستبداد أكثر مما تعبر عن حالات من الاختيار والرضا وإرادات الناس في حرية التعبير.

وعلى هذا وجب علينا مع كل هذه القوائم التي لها من القرائن والإثباتات والتي تحمل جرائم وانتهاكات واتهامات؛ لتؤكد على ذات المعنى الذي أردناه ضمن هذه السلسلة المهمة يتحاكم لا يحكم.

  • نقلا عن مدونات الجزيرة

أضف تعليقك