• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

لا يذكر "العز بن عبد السلام" الإ وتذكر سيرته الحسنة وجهاده ضد الطغاة والسلاطين المستبدة ومقاومته للظلم وتشوقه للعدالة والحرية.

مواقف خلدها التاريخ لرجل كانت تخشاه السلاطين والملوك، إنه سلطان العلماء "أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السُّلَمي الدمشقي"، أحد العلماء العاملين الأعلام، اشتُهر بزهده وجرأته في الله.

عاش في عصر شابته الظروف السياسية المضطربة، عصر ضعف وانهيار الدولة العباسية والانشقاقات الداخلية وتكالب الصليبيين والمغول على الأمة، في هذه الظروف فضّل كثيرون من أهل العلم والدين السكوت عن الحق واعتزال المشهد العام، في حين انخرط العز في قلب هذه الأزمات مقدمًا صورة مغايرة لعالم الدين الذي يجاهد في سبيل الله الذي لا يخشى أحدًا.

منهجه ومواقفه

كان الشيخ يدرك أن دور العلماء لا يقتصر على إلقاء الدروس والخطابة وتعليم الطلاب، فاشترك في الحياة العامة مصلحًا يأخذ بيد الناس إلى الصواب، ويصحح الخطأ لهم ولو كان صادرًا من أمير أو سلطان.

مواقفه التي جعلته مكروهًا من الحكام والملوك

تحدى الملك الصالح

عندما قاتل الملك الصالح ابن أخيه الملك الصالح نجم الدين أيوب، حاكم مصر آنذاك، لانتزاع السلطة منه، والى الصليبين وأعطاهم حصن الصفد والثقيف، وسمح لهم بدخول دمشق لشراء السلاح والتزود بالطعام وغيره.

فاستنكر العز ذلك، وصعد المنبر وخطب في الناس خطبة قوية، فأفتى بحُرمة بيع السلاح للفرنجة، وبحُرمة الصلح معهم، وقال في آخر خطبته: «اللهم أبرم أمرًا رشدًا لهذه الأمة، يعزّ فيه أهل طاعتك، ويذلّ فيه أهل معصيتك»، ثم نزل من المنبر دون الدعاء للحاكم الصالح إسماعيل

فضل الاعتقال على الاستسلام للملك الصالح

أمر الصالح إسماعيل بإحضار العز فأرسل من يداهنه ويساومه ويعده بالمناصب، بشرط الرجوع عما هو عليه، ويتوعده إن استمر على ذلك، فكان مما قاله: «بينك وبين أن تعود إلى مناصبك وما كنت عليه وزيادة أن تنكسر للسلطان، وتقبل يده لا غير».
فقال الشيخ: «يا مسكين ما أرضاه أن يقبل يدي فضلاً أن أُقبـِّل يده، يا قوم أنتم في وادٍ وأنا في وادٍ، والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به». فقال له: «لقد رسم لي إن لم توافق على ما يطلب منك أن أعتقلك». فقال الشيخ: «افعلوا ما بدا لكم». فأخذه واعتقله في خيمة بجوار خيمة السلطان.
رفضه أموال الملوك

وفي أواخر أيام العز أرسل له الظاهر بيبرس أن يُعين أحد أولاده في منصبه. فقال العز: ما يصلح لذلك، رغم أن ولده عبد اللطيف كان عالمًا يستحق المنصب. قال له: من أين يعيش؟ قال: من عند الله تعالى. قال له: نجعل له راتبًا؟ قال العز: هذا إليكم، في إشارة إلى تقي الدين ابن بنت الأعز، الذي رشحه للمنصب بدلًا من ابنه.

فضه ضرائب الفقراء: الأمراء أولًا

لما أمر قطز بجمع الأموال من الرعية للإعداد للحرب، وقف العز في وجهه، وطالبه ألا يأخذ شيئًا من الناس إلا بعد إفراغ بيت المال، وبعد أن يخرج الأمراء وكبار التجار من أموالهم وذهبهم المقادير التي تتناسب مع غناهم حتى يتساوى الجميع في الإنفاق، فإذا لم تكف هذه الأموال الإعداد للمعركة، فليفرض ضرائب على الناس، فنزل قطز على حكمه.

وخرج المسلمون للقاء المغول في معركة «عين جالوت» وانتصروا. وظل العز في مصر يدرس ويخطب ويفتي، ويتخرج على يده أئمة، ويرسي تقاليد للقضاة والفقهاء حتى وفاته.

أضف تعليقك