• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

لا يمكن التغاضي عن الدوافع الدينية التي دفعت ترامب لإعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني، ومن ذلك ما ذكرته عدة صحف غربية حول مباركة أنصاره من الطائفة الإنجيلية هذه الخطوة التي وفق اعتقادهم «ستجلب نهاية العالم وظهور المسيح مرة أخرى على الأرض».

هذا الإعلان يعد تمهيداً لما هو أصعب، في ظل استمرار الركود العربي الرسمي وغير الرسمي، والانشغالات المصطنعة والمتعمدة، لتبتعد الشعوب والأنظمة عن الاهتمام بهذه القضية، حين يدخل الإعلان حيز التنفيذ الفعلي، ضمن مخطط صفقة القرن، فهذا يعني أن شكل الصراع قد تغير.

هذه الخطوة الحادة وغير المألوفة التي دشنها ترامب بإعلانه، وما تبعها من قوانين عنصرية في الكنيست الصهيوني، وأيضاً مع الأطروحات العنيفة وغير التقليدية بخصوص الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين، التي تنادي بها الأحزاب الصهيونية والمسؤولون الصهاينة، والمتعلقة بيهودية الدولة، وطرد الفلسطينيين، وإنهاء مظاهر سيادتهم، وضرب هويتهم الوطنية، تعني أننا أمام واقع جديد من شأنه أن ينعكس أيضاً على توجهات الطرف الآخر من الصراع، وهو الشعب الفلسطيني، والمقاومة الفلسطينية، لتكون بمستوى التغيير.

ما يحدث في غزة هذه الأيام من إغلاق جميع الخيارات والآفاق أمام السكان والمقاومة، بهدف كسر الروح المعنوية، وإنهاك مناحي الحياة كافة، أو الإطاحة بها، حتى لا يبقى أمام هذه البقعة سوى خيارين، هما إما الاستسلام لهذه الصفقة المزعومة، أو معركة شاملة قد تكون على شكل ملحمة أو هجوم كبير، يلتحم فيه الطرفان داخل وخارج الحدود، كخيار أخير، ثمنه مهول على الطرفين.

لا ينبغي علينا أن نستسلم لهذه المعادلة الصفرية، ولا يجب علينا أن نتمنى الحرب، لكن ينبغي على المقاومة أن تستعد لها أشد استعداد إذا فُرضت عليها، وإن كنا نألم أو نخاف من الدماء والمعارك الشديدة فهم أيضاً يألمون ويخافون من المؤمنين المجاهدين أكثر من خوفهم من الله، كما ذكر القرآن.

ورغم أن الاحتلال يتخوّف جداً من المعارك الشاملة ضده، إلا أنني لا أعتقد أنها الخيار الأمثل والأفضل، لكنها بديل الفناء إن كان البقاء مهدداً، أو كنا في مواجهة معركة استئصال ونكبة جديدة، وأظن أن المقاومة في جعبتها ومقدرتها أن تجعل النكبة في الطرف الآخر أيضاً، من خلال تدفق أعداد كبيرة من مقاتليها إلى خارج حدود القطاع، وفق تهديد سمعته من أحد قيادات المقاومة في لقائه مع مجموعات من الشباب في قطاع غزة.

التخوف من هذا السيناريو جعل حجم الاهتمام الصهيوني كبيراً بقضية الأنفاق الهجومية التي تخترق حدود الكيان الصهيوني، فهو يعرف حجم ضعفه أمام المواجهة الواسعة المباشرة خلف وداخل الحصون، خصوصاً إذا استهدفت «الجبهة الداخلية»، لذلك لا يستعد لها كثيراً، بقدر ما يحاول منعها، ونحن ينبغي أن نستعد للأسوأ دون أن نتعجله أو نتمناه، وقالوا كثيراً إن «الاستعداد للحرب يمنع الحرب».

خشية العدو من السيناريوهات الصعبة قد تمنع الحرب، وقد توصلنا لهدنة تستمر لسنوات على الأقل، وإن أحسنت المقاومة استثمار ما لديها من أوراق، واستعدت جيداً، وبين السلم والحرب توجد هدنة وخيارات أخرى غير حالة اللا حرب واللا سلم، ينبغي اتخاذ قرارات جريئة لطرحها، إن كنا غير جاهزين للأسوأ، كما يوجد لدى المقاومة أسرى صهاينة، وما يمكنها أن تهدد به فعلياً، ولا ينبغي أن تبقى غزة هي الخاصرة الوحيدة للمقاومة، أو محور المواجهة الوحيد.

أضف تعليقك