• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانيتين

رغم الإقرار بوجود نوايا توسعية لإيران بالمنطقة تؤيدها شواهد نفوذها بالعراق وسوريا ولبنان واليمن، ودعمها لميلشيات مسلحة بأكثر من بلد، ورغم الخلافات العديدة بين المذهب الشيعى الذي تتبعه إيران والمذهب السنى السائد في غالب الدول العربية والإسلامية.

ورغم المرارة التي يشعر بها الكثيرين إزاء إسهام إيران بشكل رئيسى في بقاء حكم بشار الأسد رغم ما حققه من دمار لشعبه، رغم كل ذلك وغيره من جوانب الاختلاف مع إيران لا بدَّ من التعايش مع النظام الإيرانى على الساحة العربية والإسلامية.

ولن يقبل الكثيرون الدعوى السعودية باستبدال إيران كعدو رئيسى للمنطقة بدلا من إسرائيل، فستظل إسرائيل هي العدو الأكبر للعرب وللمسلمين، ولا بدّ من الاعتراف أن تصرفات النظام السعودي بالفترة الأخيرة قد جعلت كثيرين يعتقدون أن خطر النظام السعودي على المنطقة، لا يقل عن الخطر الإيرانى إن لم يكن يتخطاه.

ولنا في ذلك أسوة بالدول الغربية التي تكره بشدة النظام الإيرانى، لكن مصالحها الإقتصادية لدى إيران سواء الحالية أو المستقبلية، دفعتها لانتقاد ترحيب الرئيس الأمريكى بالمظاهرات الأخيرة بإيران.

وها هي دولة الإمارات العربية التي تستولى إيران على ثلاث جزر تقول أنها تابعة لها، تعد من الدول الرئيسية بالتجارة الخارجية الإيرانية، حتى أنها تحتل المركز الأول بالواردات الإيرانية منذ سنوات. بل أن منطقة الأهواز الإيرانية التي يسكنها عرب سنة قد شهدت مظاهرات مؤيدة للحكومة الإيرانية، مواكبة للتظاهرات المعارضة للحكومة هناك، وعزز موقفها ما ذكرته وكالات الأنباء الغربية التي لا ترضى بالمرة عن النظام الإيرانى، وتحركها المصالح الغربية، عندما قالت أن المشاركة بالتظاهرات الأخيرة رغم كبرها، ظلت محصورة بعدد قليل من المحافظات، ولا يرقى أثرها لتهديد النظام القائم بشكل فعال.

مساحة الاتفاق أكبر من الاختلاف

وهكذا تظل مساحات الاتفاق بين العرب والإيرانيين وبين السنة والشيعة، أكبر من مساحات الاختلاف، ولا بدّ أن يكون الحوار هو وسيلة التعامل مع تلك الخلافات لوجود تهديد مصيرى لكلا الطرفين من قبل الدول الغربية ومخلبها إسرائيل.

ولا يجب أن ننساق وراء الحروب بالوكالة التي تقوم بها السعودية وإيران على أرض اليمن، وتسببت في دماره بعد دمار سوريا، التي دعمت السعودية قوى المعارضة بها وعندما تم التفاهم بين روسيا والولايات المتحدة على بقاء الأسد تخلت عنهم سريعا.

فلتحارب السعودية معركتها مع إيران بنفسها، والذى نشك أنها تستطيع حسمه عسكريا، رغم أن مصالح الغرب تسعى لإضعاف الطرفين، ليبقى الحوار بينهما هو السبيل الوحيد للخروج من مأزق اليمن وغيره، وكان أمير الكويت قد دعا من قبل لإنتهاج الحوار وسيلة للتعامل بين دول الخليج وإيران.

ولعل التجارة الإيرانية المركزة حاليا مع دول جنوب وشرق آسيا، يمكن أن تكون أحد وسائل التقارب بين الدول العربية وإيران، وكذلك السياحة الإيرانية التي استفادت منها دول العراق وسوريا ومنطقة كردستان وحتى السعودية.

ولا بدّ أن توقن الدول الخليجية أن دول الغرب ستظل محافظة على وجود توتر مستمر بين الدول الخليجة وإيران، من أجل المزيد من مبيعات السلاح لها، ومن أجل استمرار ابتزازها نفطيا وتجاريا وماليا بدعوى تأمين سلامتها من المطامع الإيرانية، رغم أن المطامع الغربية بالمنطقة قد تكون أكثر ضراوة.

الاقتصاد الثالث بالمنطقة

وهكذا فعندما نتحدث عن إيران يجب ألا نغفل أننا نتحدث عن قوة إقليمية، ونتحدث عن الاقتصاد السابع والعشرين بالعالم بمعيار الناتج المحلى الاجمالى بسعر الصرف، والاقتصاد الثامن عشر دوليا بمعيار الناتج المحلى الإجمالى بطريقة تعادل القوى الشرائية، والاقتصاد الثالث بمنطقة الشرق الأوسط.

إيران التي تملك الاحتياطى البترولى الثالث دوليا، وتحتل المركز السابع دوليا بصادرات خام النفط رغم الحصار وتسعى لزيادة حصتها التصدرية منه، والتى تملك الاحتياطى الثانى بالغاز الطبيعى دوليا حسب بيانات أوبك والأول دوليا حسب بيانات شركة البترول البريطانية.

ويجب ألا نغفل الصمود الإيرانى أمام الحصار الغربى المستمر منذ احتلال الطلاب الإيرانيين للسفارة الأمريكية عام 1979، ورغم معاونة الولايات المتحدة لصدام حسين خلال حربه مع إيران عام 1980، إلا بعد فترة سعت لإضعاف الطرفين، ومنذ 1995 وهناك عقوبات أمريكية على إيران شاركت بها الدول الغربية، ولم ينته معظمها سوى في يناير 2016 بعد الاتفاق النووى فى يوليو 2015.

وساهم طول فترة الحصار الاقتصادى الغربى في زيادة معدلات الاعتماد على الذات في تعظيم القدرات المحلية طوال تلك السنوات، والتى ظهرت بمجالات الطاقة النووية والقدرات الدفاعية وصناعة السيارات وغيرها من الصناعات المتقدمة.

ويجب ألا نغفل أن النظام الإيرانى سواء اتفقنا أو اختلفنا معه قد قارب على الخمسة عقود من عمره، وأن ندرك أن الرابط العقيدى يجمع غالبية الإيرانيين حول نظامهم الذي يعلى من ولاية الفقيه. وأن مصلحة الغرب تتطلب مساعدة الإصلاحيين في إيران الذين يمثلهم الرئيس حسن روحانى، الذي يرحب بالاستثمارات الغربية كوسيلة لزيادة معدلات النمو، بينما يرى الفريق الآخر الإعتماد على الشركات المحلية في التنمية لزيادة التشغيل، وأن نجاح روحانى في خفض نسبة التضخم وزيادة معلات النمو يجب تعزيزه.

وهو ما يعنى ضرورة استمرار نظام حسن روحانى وتوفير الأجواء المناسبة له، فحتى رجال الأعمال الأمريكيين – إضافة للدول الأوربية - يستهدفون الاستفادة من السوق الإيرانية البالغ عدد مستهلكيها 82 مليون نسمة، سواء بالتجارة أو بالاستثمار، ولأن البديل لروحانى سيكون أكثر ضررا على المصالح الغربية التي تحققت بعد الاتفاق النووى، ويتم السعى لزيادتها بالفترة القادمة.

أضف تعليقك