• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

قام رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان بجولة أفريقية تاريخية، شملت كلاً من السودان وتشاد وتونس، بعد فترة وجيزة من انعقاد القمة الإسلامية الطارئة التي دعا إليها بصفته رئيس الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي؛ لمناقشة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مدينة القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني.

الاهتمام التركي بأفريقيا زاد في عهد أردوغان، وهو أكثر زعماء العالم زيارة للقارة السمراء، حيث بلغ شملت زياراته 28 دولة، 18 زيارة منها بعد توليه منصب رئيس الجمهورية. ويأتي هذا الاهتمام من منطلق الانفتاح على جميع الاتجاهات لتعزيز دور تركيا ومكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

هذه الزيارات لها أبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية، في ظل الحملات التي تتعرض لها تركيا، والاصطفافات والتحالفات التي بدأت تتشكل لدعم "صفقة القرن"، أو للتصدي لها ورفض الخطط التي تهدف إلى إعادة رسم خارطة المنطقة لصالح إسرائيل، وعلى حساب أصحاب الأرض. ولذلك أزعجت جولة أردوغان الأخيرة للدول الأفريقية الثلاث؛ قوى دولية وإقليمية ترى تركيا برئاسة أردوغان أكبر خطر على مشاريعها القذرة وتفاهماتها المشبوهة.

المحطة الأهم في جولة رئيس الجمهورية التركي كانت زيارته للسودان، وهي زيارة تاريخية وناجحة بكل المقاييس. وتم استقبال أردوغان على المستويين الرسمي والشعبي بحفاوة بالغة؛ تؤكد متانة الأواصر الأخوية بين الشعبين. كما تم خلال الزيارة توقيع اتفاقيات تعزز العلاقات الثنائية بين أنقرة والخرطوم في مختلف المجالات. ومما لا شك فيه؛ أن أبرز تلك الاتفاقيات تلك التي تتعلق بالتعاون العسكري، وإدارة جزيرة سواكن، ومشروع إنشاء الميناء لصيانة السفن المدنية والحربية، بالإضافة إلى إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي.

أردوغان اصطحب معه في هذه الجولة؛ عشرات من رجال الأعمال الأتراك، وهو ما يؤكد أهمية البعد الاقتصادي للزيارات. ولا يختلف اثنان في أن تركيا لها تجربة فريدة في تحقيق القفزة الاقتصادية وإنجاز المشاريع التنموية العملاقة خلال فترات وجيزة. ومن الممكن أن تنقل تجاربها إلى الدول الأخرى، ويسهم رجال الأعمال الأتراك في دعم الاقتصاد في الدول الثلاث، وفي السودان على وجه الخصوص، من خلال الاستثمارات والمشاريع الصناعية والتجارية والزراعية. كما دعا رئيس الجمهورية التركي مواطني بلاده إلى زيارة السودان قبل أن يتوجهوا إلى الأراضي المقدسة لأداء الحج أو العمرة، وهذا يعني - إن تحقق - زيارة عشرات الآلاف من الأتراك للسودان سنويا، وتنشيط السياحة فيها.

مواصلة مكافحة تنظيم الكيان الموازي الإرهابي كانت من أهداف الجولة؛ لأن التنظيم الذي قام بمحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في 15 يوليو / تموز 2016، قد تغلغل في الدول الأفريقية عبر المدارس التي فتحها في تلك الدول. وخلال زيارة رئيس الجمهورية التركي للعاصمة التشادية، تمت إحالة كافة المدارس التابعة للتنظيم إلى وقف المعارف التركي. وقال الرئيس التشادي إدريس ديبي إن طلاب بلاده لن يتلقوا التعليم بعد الآن على يد الإرهابيين.

وفي خضم هذه الزيارات، حدث تطور لافت يحمل بين طياته رسائل هامة، وهو الاتصال الهاتفي الذي جرى بين ملك الأردن عبد الله الثاني ورئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، خلال تواجد الأخير في العاصمة السودانية الخرطوم. وأكد الزعيمان "ضرورة بذل جهود مشتركة للحفاظ على وضع مدينة القدس ودعم الفلسطينيين"، وأشارا إلى "فائدة التحذيرات البناءة لعدول إدارة الولايات المتحدة الأمريكية عن خطوتها الخاطئة بشأن القدس". ومما لا شك فيه أن التقارب الأخير بين أنقرة وعمان يعكس مدى انزعاج الأخيرة من محاولات تهميش دور الأردن في القضايا الإقليمية عموما، وقضية القدس وفلسطين على وجه الخصوص.

تركيا تسعى حاليا إلى تشكيل جبهة عريضة لمواجهة الخطط والتفاهمات الهدامة التي تهدف إلى تفكيك المنطقة وإعادة رسم خارطتها، وتقوم بخطوات عملية لتعزيز هذه الجبهة وتقويتها. وتؤكد كافة المؤشرات والتطورات أن أنقرة ليست وحدها في هذه المواجهة.

أضف تعليقك