• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

لو كان الرئيس الأمريكى يعرف أنه سيكون هناك رد فعل حقيقى جاد من قبل الدول الإسلامية، ما جرؤ على اتخاذ قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكنه يعرف أنه يتعامل مع كيانات ضعيفة مخترقة، مشغولة بهم تدبير لقمة العيش وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.

ومن هنا كان قراره الذي يرضى حوالى 16 مليون يهودى بأنحاء العالم يملكون النفوذ والمال والإعلام، على حساب 1 مليار و750 مليون مسلم معظم دولهم مازالت تتلقى المساعدات الغذائية والعسكرية من الولايات المتحدة. وحكامها مشغولون بتثبيت كراسيهم والبطش بمعارضيهم، وتنفيذ كل ما يطلبه الغرب منهم من وأد لأية محاولة تنمية وطنية، ولو كانت مجرد تحقيق الاكتفاء الذاتى من سلعة كالقمح.

لقد فقد المسلمون الشطر الغربى من القدس عام 1948، ثم فقدوا الشطر الشرقى عام 1967، وبعد مرور 50 عاما على ضياع القدس، ماذا فعلت قيادات الدول الإسلامية من أجل القدس؟ حتى لجنة القدس التي يرأسها ملك المغرب والتى نشأت عام 1975، لم تجتمع لمدة 12 عاما حتى اجتماعها الأخير في يناير 2014.

وليت الأمر اقتصر على رد الفعل تجاه استعادة القدس، بل لقد أصبح المسار يسير عكسيا، وما اجتماع القمة الإسلامية الأمريكية الأخير ببعيد، والذى سعى لتمكين اليهود على حساب الفلسطينيين.

وخلال الخمسين عاما التي تلت ضياع القدس بأكملها أصبحت هناك سفارات إسرائيلية بعواصم عربية وإسلامية، وعلاقات تجارية وسياحية ودبلوماسية مع الكثير من الدول الإسلامية بل ومناورات عسكرية مشتركة، ولقاءات متكررة بين قيادات من الدول الإسلامية والمسؤولين الإسرائيليين.

لذا يخطىء من يظن أن ما نسمعه من بيانات تنديد وشجب لقرار الرئيس الأمريكى يمكن أن تسفر عن شيء، سوى مجرد امتصاص الغضب الشعبى الذي سيخمد بمضى الوقت، نتيجة المشكلات المتراكمة والتراجعات المتتالية بالمواقف الرسمية، والدور الإلهائى الذي تلعبه وسائل الإعلام الرسمية والتابعة للنظم في ظل نظم دكتاتورية باطشة.

لن يجدى قرار جديد لمجلس الأمن، فلقد كان هناك قرارا في العشرين من أغسطس 1980 برقم 478 لا يوافق على اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل لكنه لم يمنع الولايات المتحدة من اتخاذ قرارها عام 1995 بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ثم الشروع في تنفيذه مؤخرا.

لن تجدى أية قمة عربية معروف تبعية أعضاءها لنفوذ وهيمنة الولايات المتحدة، ولن يجدى حتى اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامى، التي لا تعدو أن تكون عمليا مجرد فرع لوزارة الخارجية السعودية، ولن تجدى بيانات شجب الشجب من برلمانات لم تأت بانتخابات حرة، أو من أحزاب كرتونية ليست لها قواعد شعبية.

ما يجدى فقط هو عودة الحريات لبلدان العالم الإسلامى وصعود نخب من القواعد الشعبية، تسعى خلال العقود القادمة لتحقيق تنمية حقيقية، وتسعى لتحقيق نسب معتبرة من الاكتفاء الذاتى من الغذاء والسلاح والدواء والتكنولوجيا، ورفع المستوى المعيشى للشعوب صحيا وتعليميا وثقافيا، لتكون قادرة على تحقيق تلك النهضة والتى لن تتحقق قبل عقدين على الأقل في حالة توافر تلك الشروط.

أضف تعليقك