• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

سيظلّ النقاش مستمرًا عن هويّة منفّذي جريمة تفجير مسجد الروضة بسيناء، إن كانوا جهة استخباراتية تتبع الدولة أو تتبع غيرها من القوى العابثة بأمّتنا، أو جماعة من جماعات الغلوّ التي عُرف عنها الاستسهال في تكفير المسلمين، واستباحة دماء المخالفين.

 ليس ثمّة ما تضيفه الإجابة، فالسؤال نفسه -سوى لدى عبيد الدولة وأنصارها- يحكي كلّ شيء، فقد عرفنا من السؤال أنّه لم يَعُدْ مستغربًا وجود جماعات تنتسب للإسلام، ويمكنها اقتراف جرائم بهذا القدر من الانحراف والشذوذ، وأنّ لهذه الجماعات أصولاً، وتُقدّم خطابًا، يوفّران للجهات الاستخباراتية اليافطة المناسبة لتنفّذ باسمها جرائم ذات أهداف سياسية، من هذا النّوع، فهذه الجماعات مُدانة في كلا الاحتمالين، إن كانت ذات صلة بالتخطط والتنفيذ أم لا.

والسؤال أيضًا، يُعرّفنا، أنّ الدولة مدانة، طالما أنّها باتت محلّ تساؤل، فضلاً عمّا قيل أعلاه، عن استغلالها المحتمل للغلوّ الذي تمثّله جماعات صريحة في استباحتها لمخالفيها، وطالما أنّ الأمر كذلك، فلا جديد من الناحية النظرية، إلا أنّ الجديد من الناحية العملية فيما يمكن توقّعه من أهداف تكمن في عقل المدبّرين الفعليين، لاسيما إن كانت جهات تقليدية، أي أجهزة المخابرات المرتبطة بالدول والأنظمة، ومنها النظام المصري بطبيعة الحال.

وإذن لا فائدة من هذا النقاش، فجماعات الغلوّ متورّطة أساسًا في هذه المسلكية العُنفية الهستيرية، والنظام المصري الراهن افتتح عهده باستباحة الأبرياء في الشوارع والمساجد، وبانتهاك حقوق المساجين. كلّنا الآن نتذكر جريمة مسجد رابعة التي جرت في ضحوة النهار وفي قلب عينيّ العالم الدجّال، وكلّنا نتذكر جريمة مسجد الفتح، التي اقترفها النظام أيضًا سافرًا في النهار متجرّدًا من أي قناع، وكلّنا نتذكر مجزرة سيارة الترحيلات التي راح فيها عشرات المعتقلين.

نظام عصابي، لا شيء جديد يضيفه من جهة التعريف بنفسه بمثل مجزرة مسجد الروضة بسيناء، ولا شيء يضيفه حلفاؤه وداعموه العرب الذين موّلوا مجزرته الكبرى في رابعة، ثم صبّوا بترولهم على المحرقة التي أشعلها في مصر وأهلها، إنسانيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وحقوقيًّا وقوميًّا.

 ثمّ وهم يدعمون محرقة كبرى لم تزل تتسع في مصر منذ انقلاب نظام السيسي، ويشعلون حرائقهم في المنطقة العربية كلّها، ويُصنّفون الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين منظمة إرهابية، تأتي هذه المجزرة الجديدة بسيناء، ولا خيار ثالث إزاءها، فإمّا أنّ منفّذها جهة استخباراتية مرتبطة بهم أو بحليفهم، بما في ذلك حليفهم الإسرائيلي، أو جماعة من جماعات الغلوّ التي تُكفّر القرضاوي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وتمت من الفكر الذي قامت عليه إحدى دولهم.. فتأمّل!

 ثمّ إنّ المحرقة الكبرى التي أشعلها نظام السيسي، ومن دبّر له وموّله، ومحارق هؤلاء الداعمين والممولين، في أماكن شتّى من بلاد العرب، وهم يحطّمون آمال الأمّة، ويدوسون على كرامة أبنائها بكلّ قسوة واحتقار؛ لا بدّ وأن يتولّد منها مزيد شرر، ولا يمكن أن نتوقع من هذه النّار التي أسعروها إلا الخراب، الذي يتجلّى كلّ يوم في صورة.. إنّ كل بؤس في أمتنا هو انعكاس لوجودهم.

 ولو نظرنا إلى استخدامهم لمسألة الإرهاب، وتوظيفها في معاركهم مع الأمّة التي يمارسون عليها أبشع أشكال القهر والغصب، ومع قواها التحررية والإصلاحية، ألا يبدو الأمر وكأنّهم معنيون بوجود هذا الشكل من العمل العنفي واستمراره، لتوظيفه في حصار خصومهم من المصلحين وعزلهم؟! فقط فلنتأمل هذا التزامن بين مجزرة مسجد الروضة، وإدراجهم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على قوائم الإرهاب!

 وإذا لاحظنا مسيرة نظام عبد الفتاح السيسي، الذي تبيّن بواقع الحال، وبممارساته، وبإقرار الصهاينة في مرات عديدة، أن صلته بـ "إسرائيل" عميقة ووثيقة، وقد بنى عهده على حصار غزّة وتدمير رفح المصريّة وتهجير شمال سيناء، وكان أوّل من ردّد حكاية صفقة القرن، وقيل إنّه اقترح على الرئيس الفلسطيني عدّة مرات ومنذ العام 2013 أن تقوم الدولة الفلسطينية على أراض من سيناء تُضمّ إلى قطاع غزّة، وقد فرّط في ثروات ومصر ومقدراتها وأراضيها أثناء ذلك كلّه، فإنّه ينبغي علينا لا نهمل ذلك كلّه حين مجزرة مثل هذه!

أضف تعليقك