• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

هذه جملة فاقدة الحيوية ومنزوعة الحياء، فاقدة الروح، وكأنها غريبة بين الكلمات العربية الحية، دخيلة عليها، ولا محل لها من الفقه ولا من الإعراب.

ظلت تشغل فكري أحيانًا كثيرة، ليس إعجابًا بها، بل استغرابًا و استهجانًا لها، فمفرداتها عربية، ومعانيها غربية، وأهدافها علمانية، وبناؤها معوج لا يستقيم، خبيثة المكمن، كلما وردت بخاطري لا ترد منفردة؛ بل يرد معها في ذهني صورة لرجل غربي خبيث تتدلي نظارته علي أنفه المعكوف وينظر إلي من فوقها ويبتسم بخبث، وهو يحتضن وثائق بروتوكولات حكماء صهيون بين ذراعيه ويضمهما إلي صدره في احتواء لها وحرص عليها ... وكأنه يقول بلسان حاله السيادة والهيمنة لما أحتضنه بين يدي.. وأنتم سوف نمزقكم كل ممزق.. وسنغرس في عقولكم أنكم ودينكم لا تصلحون لقيادة البشرية كما تزعمون ويزعم دينكم.

وجال بخاطري أن أتفحص من يتغني بهذه الكلمة لعلي أعرف مآربهم، وبعد شدة فحص وطول درس وجدت أن من يرددها قد لا يخرج عن هؤلاء .

إما حاكم فاشي فاسد، يستعد للنزال بعد تآكل شعبيته لشدة بطشه، واستخفافه لقومه، ويخشي من الصحوة، ويخشي علي منصبه أن يتفلت منه بسبب شعبية الإسلاميين، فيضع العراقيل بها أمامهم وأمام الشعب، ليصد الناس عن الدين وعن التمسك به كشريعة ومنهاج، ويصوره كأحد معوقات التقدم والانفتاح، ويصور أن الدين سيقف حجر عثرة في سبيل التقدم والازدهار والرخاء، فانسوا دينكم إن أردتم الحياة برغد ونعيم، والمشاركة فيها، فنحن نريدكم بلا هوية وبلا دين؛ لأن هذه رغبة أسيادة الذين اختاروه لمهمته، وصدروا له هذه الأفكار ليبهر الناس بلمعانها ويجمع بها حوله كل المارقين الفاسدين الذين يريدون أن ينطلقوا في شهواتهم وملذاتهم دون أي رادع من دين أو ضمير .

فيجعلهم نخبته الذين يُنعم عليهم بكل النعم، ويُقدموا في كل المحافل علي أنهم هم مصابيح الهدي ومنابر التنوير وأئمة الفكر التقدمي الجديد الذي انطلق وتحرر من ربقة الدين وخنقته إلي عالم الحرية الذي لا حد له ولا معيار، فينخدع بفكرهم الكثير ممن يشبهونهم ، ويسيروا سيرهم ويحذوا حذوهم ، ويعتنقوا مبادئهم ويتبنوا نشرها في ربوع ما قد يظنونهم جهلاء بهذا الفكر، ولا ننكر أن هؤلاء لهم تأثير كبير في نشر هده الأفكار .

فنجد منهم الكاتب المشهور الذي يقصف في مقالاته الدين وثوابته والعلماء ونتاج علمهم الديني، ويشككون في كل شيء حتى يجتمع لهم جمهور من القراء الذين يريدون أصلا حياة بلا دين وبلا ضوابط وبلا هوية ويجدوا بغيتهم في هؤلاء؛ فيهيمون خلفهم.

ونجد منهم كتاب القصة والسيناريو الذي يكتبون قصصا للسينما، يرسخون فيها للرذائل ولحرية ممارسة الجنس الحرام، ويمجدون الربا ، ويتبادلون الأرحام ، ويتم إظهاره في أفلامهم علي أنه بطولة وفروسية أن تكون زيرًا للنساء ، ويُنظر إليك وأنت شاذ ومثلي الجنس علي أنك من علية القوم ومن أكابرهم ، وكل الدنيا تسير في فلكه ، فهو البرنس وهو السيد، وأن الربا يجعلك اقتصاديا لا حد لبراعتك ، والحقيقة أنه أدني وأوضع أهل الأرض.. هؤلاء هم من يتشدقون بأنه لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، فيستحلوا بذلك كل وسيلة وضيعة كانت أو أشد وضاعة من أجل القضاء علي الإسلام وقيمه وتعاليمه التي تقلق راحتهم وتحد من حريتهم.

ووجدت نفسي أسمعها من أولئكم الذين يرددونها بغوغائية دون فهم لحقيقتها الخبيثة، ويظنون أنفسهم من الكبار في مجتمعاتهم، ويناقشون الناس في المبادئ السياسية والنظريات وكأنه جان بول سارتر أو برتراند راسل أو واضع علم السياسة الحديث، حتى إذا ما وقع في نقاش مع أحد الإسلاميين ووجد نفسه محاصرا منه، ولا يستطيع أن يأتي بحجة لما يدعيه فر منه وهرب مرددا، لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، ويفر منه فراره من المجذوم .

ويرددها صبية الساسة الذين يعلقون بهم وكأنهم ذيول لهم ، يرددون ويعيدون ما يقوله لهم معلميهم ، ويطلقونها في كل تجمع ظنًا منهم بأنهم يلجمون الخصوم بهذه الحجة وبهذه المقولة.

هؤلاء يلقون بظلالهم السيئة علي من يدعي الثقافة في مجتمعاتنا الصغيرة فيتخذونها أبواقًا ليصرفوا الناس عن إتباع كل من هو ذو دين ويفهمه فهما صحيحًا ، ليصدوهم عن دعوتهم ويحولون بينهم وبين التأثير في الناس ، ويمزقون كل صاحب فكرة وكل صاحب دين بهذه الجملة التي يملؤن بها أفواههم.

ومن المستغرب أن هذه الجملة فقط مفصلة علي الدين الإسلامي ، أما المسيحية فلا واليهودية لا أيضا ، فكأنهم يريدون أن يقولوا لا دين إسلامي في السياسة ولا سياسة في الدين الإسلامي.

ولكن الحقيقة تبطل هذا الكلام تمامًا فالإسلام هو منتهي الرسالات السماوية ، وهو الدين الخاتم الذي لا اعوجاج فيه ، وتنتظم فيه كل النظم الإنسانية ولا تستقيم إلا فيه وبه ، اقتصادًا واجتماعًا وسياسة وعلمًا ومعرفة وتجربة وثقافة روحية نقية مستمدة من السماء ، مادة وروحًا ، فمن دان بالإسلام يؤمن تمام الإيمان أنه يشمل كل مناحي الحياة دونما طغيان لجانب علي آخر فالإسلام يمتلك كل النظم الإنسانية ويقومها ويطوعها وفق مراد الله سبحانه وتعالي ، ووفق ما يصلح به المجتمع تمام الإصلاح .

فالدين الإسلامي وشريعته الغراء ، يحكم وفق مواثيق ربانية تحقق السعادة لكل البشر ، ولذلك كان الإسلام دعوة عالمية ربانية لكل نسمة علي وجه هذه الأرض.. وسأتناول تباعًا إن شاء الله نهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم في سياسته الإسلامية وكيف نتعلم منها ونقتدي به ونطبقها ...

أضف تعليقك