• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

تحت هذا العنوان، كتب "محمد حسنى" مقالا، يسوق فيه العديد من الأمثلة، ليدلل على فشل جماعة الإخوان، ويصفها بالجماعة المستحيلة.. أو لماذا لا يثمر العمل الإخواني؟ واستعار مقولة لكاتب يدعى "وائل الحلاق" بأن فكرة الدولة الإسلامية في البنية الدولية الحالية هي دولة مستحيلة، ونستطيع أن نصف كذلك جماعة الإخوان لكونها تتواجد بها الفكرتان مترافقتان بالجماعة المستحيلة.

واستهل مقاله بقصة لـ "هيكل" طرحها خلال برنامجه "مع هيكل" على قناة الجزيرة، تحدث خلالها عن لقائه لأول مرة "بحسن البنا" وكان ذلك في عام 1946 وهذا كان بوساطة من الصحفي بجريدة أخبار اليوم وقتها "عبد الحليم الغمراوي" المنتمي لجماعة الإخوان، والذي كان كلفه حسن البنا بتأسيس جريدة الإخوان، وكان يرى الغمراوي أن هيكل الذي كان وقتها صحفيا شابا واعدا، سيكون مناسبا أن يعمل بتلك الجريدة تحت الإنشاء فلذلك دعاه لمقابلة حسن البنا.  ثم علق على هذه القصة، قائلا: فتلك السردية إلى حد ما صحيحة جدا في وصف منطق عمل جماعة الإخوان المسلمين في مجمل عملها بالعمل المدني والمجتمعي!!. 

وبداية نقول: إن الدولة الإسلامية ليست مستحيلة، كما زعم الكاتب، لأنه عملاً بالقاعدة الأصولية الهامة "لَا تَكْلِيفَ بِمَا لَا يُطَاقُ"، فالدولة الإسلامية ليست مستحيلة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث حذيفة: ( ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ)، والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وحسنه الأرناؤوط في تحقيقه لمسند الإمام أحمد، وقال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رداً على من من جعل الحديث قد تحقق في جميع مراحله، وأن الخلافة الأخرى التي على منهاج النبوة، هي خلافة عمر بن عبد العزيز، ومن البعيد عندي جعل الحديث على عمر بن عبد العزيز؛ لأن خلافته كانت قريبة العهد بالخلافة الراشدة، ولم يكن بعده ملكان ملك عاض وملك جبري والله أعلم.

 أما قصة هيكل، فلا أقف عندها طويلا، لأن الرجل كان كارها وحاقدا على جماعة الإخوان، حتى دفعه حقده وكراهيته للجماعة أن يكون أحد مهندسي الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب، وبالتالي فروايته مردودة شكلا وموضوعاً، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فقد قام الدكتور محمد فتحي علي شعير رحمه الله بإعداد رسالة ماجستير بعنوان : وسائل الإعلام المطبوعة في دعوة الإخوان المسلمين، في كلية الدعوة والإعلام بالرياض عام 1404ه.

كما زعم الكاتب بأنه كان في زيارة لجامعة في مدينة إسطنبول التركية تدار من قبل أفراد من جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وأنه لا ينتقد الجامعة ولكن يتكلم عن انطباعات تؤدي بالنهاية لفهم أفضل في معضلة ومشكلات تواجد الإخوان بميدان العمل المدني، سواء عندما كانوا في مصر أو عندما انتقلوا إلى المنفى التركي اختيارا أو إجبارا!!

وهذه مغالطة من الكاتب، لأن الجامعة التي تحدث عنها، هي جامعة استثمارية شأنها شأن أي جامعة تهدف لتحقيق الربح ، ولم يدّع أحد أنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، ومن الذين يدرسون فيها، الدكتور سيف عبدالفتاح وغيره . وقال: إنه كانت هناك فرصة لكي يكون شريكا معي، واحد من كبار رجال أعمال الإخوان – غير المصريين – وأقواهم تأثيرا، فعندما دخلنا في سياق تفاصيل العمل قال لي ولشريكي: هل لديك تصور لتمويل ذلك المشروع؟ فقلت له: التمويل في هذا النمط من العمل يكون فقط عبر مؤسسات مالية دولية معروفة ولدينا اتصال بهم لهذا الغرض، فقال: ولكن هذا سيكون تمويلا ربويا، فهل لديك تحفظ أن يتم التمويل عبر مصارف تعمل وفقا لأحكام الشريعة لدينا اتصالات وتعاملات معها؟ فقلت: ليست المسألة متعلقة بتحفظي أو عدمه، وإنما أن هذا النمط من العمل لا يمكن أن يتم إلا عبر تمويل دولي، ولا يمكن لتمويل محلي أو حتى إقليمي أن يدخل به لعدة اعتبارات أوجزتها له، وهذا المصرف “الإسلامي” بالنهاية سيذهب إلى نفس المؤسسة المالية الدولية التي سأذهب إليها وسيطلب نفس التمويل الذي كنا سنطلبه بأنفسنا، ووفقا لنفس الشروط التي ستفرضها تلك المؤسسة، فانتهت الجلسة وعلمت لاحقا من مدير المشروعات عنده أنه غير راغب باستكمال هذا التعامل معنا لأن تقييمه لي أنني غير “إسلامي” وأن تعامله معي من البداية كان وفقا لاعتقاده أنني “أخ” وأنتمي “للدعوة” وهو يستطيع أن يصل إلى أهم العاملين في هذا القطاع من الاستثمار ولا يحتاج إلى تحديد!.

 وهنا نقول: هل من الإنصاف والموضوعية، أن تتهم جماعة بالفشل الاقتصادي والتعليمي، لأن أحد الأفراد المنتميين إليها يتحرى الحلال في تعاملاته، ولا يرغب في التعامل بالربا، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر الصحيح: ( لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ ) ، وَقَالَ: (هُمْ سَوَاءٌ).

ثم يقول الكاتب: إن الجماعة تقوم على فكرتين متناقضتين: الأولى أنها جماعة تنوب عن الأمة في عدة وظائف بدأت من وظيفة الخلافة عند تأسيسها إلى وظائف أخرى . والثانية أنها مع التأسيس الثاني والثالث منذ السبعينات أنها أعادت تموضع نفسها بأنها تمثل المسلمين في بيئة العمل الدولي!!  وهذا أيضاً تقوّل بغير دليل، نعم الجماعة حرصت على عودة المسلمين لدينهم، والفهم الشامل للإسلام ،لكنها لم تزعم أنها جماعة تنوب عن الأمة في وظيفة الخلافة، أو أنها تمثل المسلمين في بيئة العمل الدولي، وإلا ستكون في هذه الحالة جماعة المسلمين، ولم يدع أحد ذلك!! .

وأخير وليس آخراً: إن الخطأ وارد من أي شخص، فكيف إذا كان من جماعة ينضوي تحت لوائها أصناف شتى، منهم العالم والجاهل والصادق والكاذب والعاقل والأحمق والجاد والعابث والمأجور والمندس والمتلون!!  فهل من العدل أن تنسب تصرفات الأفراد للجماعة؟ لأن التصرفات والاجتهادات الفردية ليست دليلاً على توجه الجماعة الرسمي!!.

أضف تعليقك