• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

بعد اتفاق المصالحة الذى وقعته حركة حماس مع سلطة رام عباس، وبرعاية النظام الانقلابي في مصر، انتابت الكثيرين من محبى حركة حماس حالةٌ من الخوف والذعر، كما أن توجه حماس وفتح نحو المصالحة بهذه الصورة أثار الكثير من التساؤلات والشك لدى كثيرين، خاصة في ظل الغموض الذى اكتنف بنود المصالحة، وتعاطي كل حركة مع فكرة المصالحة وتفسيرها حسب رؤيتها الخاصة.

وقد شكك البعض في جدية هذه المصالحة، أو نجاحها من الأساس، نظراً لاختلاف الأرضية التي ينطلق منها كل فصيل، حتى أن هناك من قال: كيف يمكن أن يتفق طهر حماس مع نجاسة سلطة حكام أوسلو.

وقد تباينت أراء المتابعين لهذا الاتفاق بدرجة كبيرة؛ فهناك من أثنى على موقف الحركة، وأنها قدمت مصلحة الوطن والشعب على مصلحتها الخاصة، والتمس العذر للحركة، لإقدامها على هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر، وأن الحركة قدمت تضحيات وتنازلات من أجل شعب غزة الصابر المحتسب، وهناك من يرى البراجماتية العالية لدى الحركة، وأنها لا تقدم على مثل هذه الخطوة إلا بعد دراسة مستفيضة، ومعرفة المخاطر المترتبة عليها، وأن الثقة التي تتمتع بها الحركة هي التي جعلت الآخرين يرضخون لها، وسيضعون العراقيل لإفشال المصالحة، وهناك من يتخوف من الخطوة التي أقدمت عليها الحركة، فقد قامت بإلغاء اللجنة لإدارية التي تم تشكيلها قبل ستة أشهر تقريبًا لتيسير الأمور المحلية والخدمية في القطاع عقب تراجع السلطة عن دورها، وهذا يعني – وفق هذا التصور – ترك الحركة للعمل السياسي في غزة والانسحاب من المشهد برمته!

لكن وإن كان لهذا التخوف ما يبرره، إلا أن الحركة أبقت الوضع الأمني تحت سيطرتها مما يعني استمرارية إمساكها بزمام الأمور بصورة كبيرة.

وقد استوقفني هذا القول العميق لأحد محبي الحركة الذى أصاب كبد الحقيقة قائلا: نتعلم .. ولا نتألم إذا حققت حماس أهدافها البعيدة والعميقة من فكرة المصالحة، فإننا نحتاج إلى مائة سنة لنتعلم من حنكتها ودهائها السياسي، (ونحن ندعو الله أن يسددها)، وإذا أخفقت- لا قدر الله – وعبث المفسدون بطهر سلاحها؛ فستحتاج إلى مائة سنة لترميم مصيبتها وإعادة ثقة الأمة بها (ونحن ندعو الله أن يحميها).

 لذلك فالحركة اليوم على المحك، وقد صرح قادة حماس بأن الحركة ذهبت للمصالحة على مبدأ الشراكة الوطنية الكاملة، ولن تغادر المشهد السياسي الفلسطيني خدمةً للشعب والمشروع الوطني الفلسطيني، وتشكل مكوناً أساسياً واستراتيجياً على المستوى الفلسطيني، وقال خليل الحية نائب رئيس الحركة في غزة: سلاح المقاومة خارج كل المعادلات، ولم يطرح يومًا للنقاش، ولن نقبل أن يطرح على طاولة المفاوضات، ولا مقايضة ولا مساس بسلاح المقاومة، وسنقاتل الاحتلال بكل وسائل المقاومة حتى دحره، كما هدد أبو عطايا، المتحدث باسم ألوية الناصر صلاح الدين، الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية، بأن من يفكرون في نزع سلاح المقاومة الفلسطينية كمن يرغبون بنزع روحهم من جسدهم, وأن ألوية الناصر صلاح الدين وبقية الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، تؤمن بأن سلاح المقاومة الفلسطينية لا يمكن وضعه على طاولة المفاوضات أو التفكير بإمكانية نزعه. 

وفي ذات الوقت نجد أن تصريحات عباس جاءت عكس ما تبحر وما تشتهي سفن حماس فقد قال عباس: لن نسمح بتكرار نموذج حزب الله في غزة، وأنه على غير عجلة من أمره في رفع الإجراءات العقابية التي اتخذها ضد غزة، وأن الإجراءات لن ترفع قبل أن تتمكن الحكومة من استلام المعابر والوزارات والأجهزة الأمنية بشكل كامل، وعند تعليقه على سلاح حماس، قال: لو شخص من فتح في الضفة حامل سلاح غير السلاح الشرعي، أنا أعتقله، وهذا ما سأعمل عليه في غزة. يجب أن يكون هناك سلاح شرعي واحد، وأن كل سلاح يجب أن يكون بيد السلطة الوطنية الفلسطينية، لن أستنتسخ تجربة حزب الله في لبنان!

وأيا ما كان الأمر، فقد كانت هناك أجواء احتفالية صاحبت قدوم الوفد المصري، وهاهي حماس تضع يدها في يد من وصفها بأنها حركة ارهابية، كما يحاكَم أول رئيس مدني منتخب ومعه عدد من مستشاريه ومعاونيه، وبعض الصحفيين، بتهمة التخابر مع حماس، ويا للمفارقة العجيبة؛ فقد كانت جلسة محاكمة الرئيس مرسي في هذه القضية في نفس اليوم الذي جلس فيه رئيس مخابرات الانقلاب؛ خالد فوزي مع رئيس حركة حماس؛ إسماعيل هنية في غزة، التي طالب الإعلام الانقلابي عدة مرات بتحرك عربي لضربها وتدميرها، وحتى مذيع الغبرة وزوجته حمالة الحطب، جلسا يحاوران هنية، في مقر حماس في غزة، وفى نفس اللحظة يظهر الشريط الإخباري، بقناة الانقلابي أبو هشيمة ليعلن عن استئناف إعادة محاكمة د. مرسي بتهمة التخابر مع حماس.

 وأثناء مقابلته لإسماعيل هنية؛ رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية؛ في مقر حماس في غزة؛ قال مذيع الغبرة لهنية: حماس هي شرف الأمة ونبضها, ولازم احنا نقف معكم ونساعدكم، ومصر ستبقى هي السند الوحيد لكم، وستدافع عنكم بكل ما يكلفها من ثمن غال ونفيس؛ وأنا أتشرف بوصولي ودخولي لقطاع غزة وأن أجلس معكم في هذا المكان، وهذا الصرح الشامخ.

ويبقى السؤال الملح الذي يفرض نفسه الآن: لماذا ـ إذنْ ـ يُسجَن الرئيس مرسي؟!

أضف تعليقك