• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

تظل العلاقات المصرية الإسرائيلية بمثابة المعبر الرئيسى لدفع العلاقات المصرية الأمريكية سياسا واقتصاديا، فعقب اتفاقية كامب ديفيد بين السادات ومناحم بيجين برعاية الرئيس الأمريكى كارتر عام 1978، زادت المعونات الأمريكية الاقتصادية والعسكرية لمصر.
 
ثم كانت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في مارس 1979، والتى ضمنت عبور السفن الإسرائيلية قناة السويس، واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية، وما تلاها من زيادة الاستثمارات الأمريكية بمصر، وتكوين كيانات مشتركة مع رجال الأعمال بالبلدين.
 
وكان توقيع مصر لاتفاقية الكويز مع إسرائيل عام 2004، والتى تشترط تضمن السلع المصرية التي يتم تصديرها للولايات المتحدة مكونات إسرائيلية بنسبة 11.7%، حتى يتم السماح بدخول المنتجات المصرية للولايات المتحدة دون تعريفة جمركية وبدون حصص كمية، وهي النسبة التي تم خفضها إلى 10.5% في عام 2007.
 
وتسببت الكويز في زيادة الصادرات المصرية للولايات المتحدة، حيث يشير التوزيع النسبى للصادرات المصرية للولايات المتحدة بالعام الماضى، إلى استحواذ الملابس الجاهزة القطاع الأبرز للاستفادة بالكويز على نسبة 59% من إجمالى قيمة الصادرات المصرية لها، مقابل نسبة 64% في عام 2015 لنفس القطاع.
 
وكانت الاتصالات مع إسرائيل للتمهيد لما حدث في الثالث من يوليو 2013، من أسباب في بطىء وتراخى رد الفعل الأمريكى لما حدث إزاء رئيس مدني منتخب في مصر، ثم كان الاتصال بإسرائيل لترتيب اللقاء الوحيد بين الجنرال المصري والرئيس الأمريكى أوباما في سبتمبر 2014، على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
 
ثم كانت القمة السرية التي جمعت الجنرال المصري برئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، وملك الأردن ووزير الخارجية الأمريكية السابق جون كيرى بالعقبة في فبراير 2016، مع استمرار الاتصالات لتنسيق المواقف، وكان آخرها لقاء الجنرال بنتياهو العلنى بالولايات المتحدة في إطار السعى لتحسين العلاقات المصرية الأمريكية بعد خفض المعونات الأمريكية، وتمهيدا لانتخابات الرئاسة المصرية في 2018.
 
فائض تجارى أمريكى مستمر
وتشير البيانات الأمريكية إلى بلوغ الصادرات المصرية للولايات المتحدة خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالى، 981 مليون دولار بزيادة 51 مليون دولار بنمو 5.5% عن نفس الشهور السبعة من العام الماضى، بينما بلغت الواردات المصرية منها 2.4 مليار دولار مقابل 2 مليار دولار بزيادة 390 مليون بنمو 19%. ليصل العجز التجارى المصري مع الولايات المتحدة 1.4 مليار دولار، بزيادة 339 مليون بنمو 31% عن العجز التجارى المصري بنفس الشهور من العام الماضى، وهو ما يعد نمطا مختلفا عن اتجاه مجمل التجارة المصرية بنفس الفترة، والتى اتجهت لخفض الواردات من دول العالم وخفض العجز التجارى.
 
وهكذا تشهد العلاقات التجارية المصرية الأمريكية عجزا مستمرا خلال السنوات الماضية، ورغم إسهام الكويز في زيادة الصادرات المصرية للولايات المتحدة إلا أن اقتصار الاستفادة منها على قطاع الملابس الجاهزة، وضعف استفادة قطاع الصناعات الغذائية، إلى جانب قلة السلع المصرية المتاحة للتصدير، لم يحقق التوازن التجارى.
 
وهكذا تفسر خريطة التوزيع النسبى للواردات المصرية من الولايات المتحدة سبب العجز التجارى، حيث تضمنت 26% منها آلات وأجهزة آلية وكهربية ومعدات نقل وأجزاءها، و26% منتجات حيوانية ونباتية خاصة الذرة وفول الصويا والزيوت، و17% منتجات كيماوية و12% مصنوعات معدنية و6% منتجات بترولية و5% ورق ومنتجاته و4% أجهزة علمية. بينما تضمن التوزيع النسبى للصادرات 59% للملابس الجاهزة، و12% للسجاد و3% للحبوب الزيتية ونسبة 2% لكلا من محضرات الخضر والمصنوعات الحديدية، والأسمدة والخضر والمصنوعات الورقية والمصنوعات البلاستيكية.
 
وبالعام الماضى مثلت التجارة الأمريكية مع مصر نسبة واحد بالألف من مجمل تجارتها مع دول العالم، أما بالنسبة للجانب المصري فقد مثلت التجارة مع الولايات المتحدة نسبة 5% من مجمل تجارة مصر مع دول العالم بالمركز الرابع بعد الصين وألمانيا وإيطاليا.
 
تراجع رصيد الدين الأمريكى
وخلال الفترة لما بعد الثالث من يوليو 2013 وحتى نهاية العام الماضى لم تقدم الولايات لمصر قروضا بشكل مباشر، ولكنها ساهمت في دفع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات الدولية والإقليمية لإقراض مصر بما لديها من حصة تصويتية مؤثرة بتلك المؤسسات. ولهذا نقص رصيد الدين الخارجى المصري للولايات المتحدة من 2.5 مليار دولار بنهاية حكم الرئيس محمد مرسى، إلى 2.1 مليار بنهاية عام 2014، ثم إلى 1.9 بنهاية 2015 ثم إلى 1.6 مليار دولار بنهاية العام الماضى، بسبب الانتظام في سداد أقساط الدين.
 
كما استمرت المعونات التي تقدمها الولايات المتحدة خلال السنوت التالية لما بعد الثالث من يوليو 2013، لتصل إلى 124 مليون دولار بالعام المالى الأول للنظام الحالى، ثم زادت إلى 191 مليون بالعام المالى الثانى له، ثم تراجعت إلى 91 مليون بالعام المالى الثالث، ولم تظهر بعد بيانات العام المالى الرابع، لكنها ستكون قليلة في ضوء بلوغ الإجمالى من كل دول العالم 149 مليون دولار.
 
ويعود تراجع قيمة المعونات الأمريكية إلى سببين: أولهما الاتفاق بين البلدين على خفض قيمة المعونات الاقتصادية تدريجيا منذ سنوات، والثانى بدعوى التضييق على الجمعيات الأهلية، وهي حجة غير مقنعة للكثيرين الذين يرجعونها للعلاقات المصرية مع كوريا الشمالية، والاتجاه لاتفاق على إنشاء محطة نووية روسية واتفاقات استيراد أسلحة روسية إلى جانب تراجع واردات القمح الأمريكى.
 
استثمار أمريكي أغلبه بترولى
والنشاط الأمريكى الأبرز فيما بعد الثالث من يوليو بمصر، كان هو الاستثمار الأجنبى المباشر والذى بلغ 2.2 مليار دولار بالعام المالى الأول للنظام الحالى أغلبها استثمارات بترولية، ثم 2.1 مليار بالعام الثانى له، ثم تراجع إلى 883 مليون دولار بالعام الثالث، لكنه زاد عن ذلك بالعام الرابع، حيث تشير نتائج الشهور التسعة الأولى منه لبلوغها 1.5 مليار دولار.
 
وهكذا بلغ الاستثمار الأمريكى المباشر بمصر خلال 45 شهرا، من عمر النظام الحالى 7.9 مليار دولار، تمثل نسبة 17% من إجمالى الاستثمار المباشر الوارد لمصر بتلك الفترة، بالمركز الثانى بعد انجلترا وأكثر من استثمارات أية دولة عربية خليجية.
 
كما استمرت السياحة الأمريكية الواصلة لمصر ليبلغ عددهم 155 ألف سائح عام 2014، زادوا بالعام التالى إلى 189 ألف سائح، ثم تراجع العدد إلى 184 ألف بالعام الماضى، لكن الشهور السبعة الأولى من العام الحالى شهدت نموا بنسبة 19% لعدد السياح الأمريكيين. لكنه تظل نسبة مساهمة السياح القادمين من الولايات المتحدة من إجمالى السياحة الواصلة لمصر محدودة، حيث بلغت نسبها أقل من 2% عام 2014، و2% عام 2015 لترتفع إلى 3% بالعام الماضى، ثم تعود إلى نسبة 2% خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالى رغم الزيادة، بنصيب 130 ألف سائح أمريكى من إجمالى 4.3 مليون سائح من أنحاء العالم.
 
وحتى قبل مجىء النظام العسكري الحالى كان نصيب السياحة الأمريكية من السياحة المصرية محدودا، ففي عام 2001 احتلت الولايات المتحدة المركز الثامن بين أعلى الدول إيفادا للسياحة المصرية، ثم المركز التاسع عام 2009، والمركز العاشر عام 2010، ثم غابت عن قائمة العشر الأوائل من 2011 وحتى 2015، لتعود بالعام الماضى محتلة المركز الثامن في ضوء غياب السياحة الروسية وتراجع السياحة البريطانية والإيطالية.
 
وخلال السنوات الأخيرة تراجع عدد السفن التي تحمل علم الولايات المتحدة العابرة لقناة السويس، والتى كانت قد بلغت 565 سفينة عام 2010 ثم تراجعت بالسنوات التالية بشكل تدريجى متواصل لتصل إلى 263 سفينة فقط بالعام الماضى.
 
وانعكس ذلك على حمولات السفن الأمريكية لتنخفض من حوالى 24 مليون طن عام 2010، إلى حوالى 10 مليون طن بالعام الماضى، وهو ما دفع هيئة القناة لمنح تخفيضات للسفن المتجهة ما بين الساحل الشرقى الأمريكى ودول جنوب آسيا، إلا أن تطوير قناة بنما مؤخرا وانخفاض سعر البترول يمكن أن يقلل من استخدام السفن الأمريكية لقناة السويس.

 

أضف تعليقك