• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

“لم تكن محنة 1954هى نهاية المطاف، لكنها كانت حلقة من حلقات الصراع؛ ففي سنة 1965م أعلن عبد الناصر في موسكو ومن فوق قبر لينين (أننا اكتشفنا مؤامرة للإخوان المسلمين ولئن عفونا المرة الأولى فلن نعفو المرة الثانية).

 ولقد اختلف الناس في تفسير الاعتقالات هذه المرة.

  1 – فمنهم من يرى أن الدوائر الغربية الصليبية قدمت له تقريرا أن هنالك تيارا اسلاميا تحت السطح.
 
 2 – ومنهم من يرى أن الضجة التي أحدثها كتاب (المعالم) الذي أصدره سيد قطب رحمه الله سنة 1964 ونفاذ ثلاثين ألف نسخة من السوق بسرعة كان له رد فعل لدى الدولة، خاصة وأن الشيوعيين قرأوا الكتاب وبينوا لعبد الناصر مدى خطورته. وقد صرح أحد الشيوعيين بهذا للأستاذ محمد قطب قبل الاعتقال بفترة بسيطة.

 
 3 – ومنهم من يرى أن الصحف الغربية بدأت تحرض عبد الناصر على الإخوان، ولقد قرأت سنة 1964 بعض المقالات المنقولة عن الصحف الألمانية تقول فيها إن الاخوان المسلمين الذين ظن عبد الناصر أنه قضى عليهم قد نشطوا في منفاهم في السعودية وغيرها، ولن يجد عبد الناصر بدا من منازلة الاخوان المسلمين مرة أخرى!

ومنهم من يرى أن عبد الناصر أراد أن يثبت للأمريكان أنه لازال باستطاعته أن يؤدي دورا وذلك على أثر اجتماع لسفراء أمريكا، وأربعة عشر سفيرا في المنطقة وقد بحثوا في جدوى بقاء عبد الناصر أو ذهابه.

وقد تكون هذه العوامل كلها مجتمعة هي السبب في الاعتقالات .

فقد أعلن عبد الناصر أنهم اعتقلوا في يوم واحد سبعة عشر ألفا من الإخوان, وتم تعذيب مئات الشباب في أقبية السجون والمعتقلات، ومات عدد منهم تحت التعذيب، وحكمت المحكمة بالإعدام على الأستاذ سيد قطب والشيخ عبد الفتاح اسماعيل والأستاذ محمد يوسف هواش وذلك في 29 أغسطس سنة 1966″. (مجلة المسلمون، ونشرة وا إسلاماه لسعيد رمضان).

وللتأكيد على أن الحرب عالمية على الإسلام والمسلمين، فقد طبعت رسالة ووزعت في السعودية عام 65م نصها كما يلي:

بناءً على أمر السيد رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة عليا لدراسة واستعراض الوسائل التي استعملت والنتائج التي تم الوصول إليها بخصوص مكافحة جماعة الإخوان المسلمين المنحلة، ولوضع برنامج لأفضل الطرق التي يجب استعمالها في قسمي مكافحة الإخوان بالمخابرات والمباحث العامة لبلوغ هدفين:

1- غسل مخ الإخوان من أفكارهم.

2- منع عدوى أفكارهم من الانتقال لغيرهم .

اجتمعت اللجنة المشكلة من:

1- سيادة رئيس مجلس الوزراء .

2- السيد قائد المخابرات.

3- السيد قائد المباحث الجنائية العسكرية.

4- السيد مدير المباحث العامة.

5- السيد – مدير مكتب السيد – المشير .

وذلك في مبنى المخابرات العامة بكوبري القبة, وعقدت اجتماعات متتالية، وبعد دراسة كل التقارير والبيانات والإحصائيات السابقة أمكن تلخيص المعلومات المجتمعة في الآتي:

1- تبين أن تدريس التاريخ الإسلامي في المدارس للنشء بحالته القديمة يربط السياسة بالدين في لا شعور كثير من التلاميذ منذ الصغر ويسهل تتابع ظهور معتنقي الأفكار الإخوانية.

2- صعوبة واستحالة التمييز بين أصحاب الميول والنزعات الدينية وبين معتنقي الأفكار الإخوانية, وسهولة فجائية تحول الفئة الأولى إلى الثانية بتطرف أكبر.

3- غالبية أفراد الإخوان عاش على وهم الطهارة ولم يمارس الحياة الاجتماعية الحديثة ويمكن اعتبارهم من هذه الناحية (خام).

4- غالبيتهم ذوو طاقة فكرية وقدرة تحمل ومثابرة كبيرة على العمل وقد أدى ذلك إلى اضطراد دائم وملموس في تفوقهم في المجالات العلمية والعملية التي يعيشون فيها وفي مستواهم العلمي والفكري والاجتماعي بالنسبة لأندادهم رغم أن جزءا غير بسيط من وقتهم موجه لنشاطهم الخاص بدعوتهم المشئومة.

5- هناك انعكاسات إيجابية سريعة تظهر عند تحرك كل منهم للعمل في المحيط الذي يقتنع به.

6- تداخلهم في بعض ودوام اتصالهم الفردي ببعض وتزاورهم والتعارف بين بعضهم البعض يؤدي إلى ثقة كل منهم في الآخر ثقة كبيرة.

7- هناك توافق روحي وتقارب فكري وسلوكي يجمع بينهم في كل مكان حتى ولو لم تكن هناك صلة بينهم.

8- رغم كل المحاولات التي بذلت منذ سنة 1936 لإفهام العامة والخاصة بأنهم يتسترون خلف الدين لبلوغ أهداف سياسية إلا أن احتكاكهم الفردي بالشعب يؤدي إلى محو هذه الفكرة عنهم رغم أنها بقيت بالنسبة لبعض زعمائهم.

9- تزعمهم حروب العصابات في فلسطين سنة 1948 والقنال 1951 رسب في أفكار الناس صورهم كأصحاب بطولات وطنية عملية وليست دعائية فقط بجوار أن الأطماع الإسرائيلية والاستعمارية والشيوعية في المنطقة لا تخفي أغراضها في القضاء عليهم .

10- نفورهم من كل من يعادي فكرتهم جعلهم لا يرتبطون بأي سياسة خارجية سواء غربية أو شيوعية أو استعمارية, وهذا يوحي لمن ينظر لماضيهم بأنهم ليسوا عملاء.

وبناءً على ذلك رأت اللجنة أن الأسلوب الجديد في المكافحة يجب أن يشمل أساسا بندين متداخلين وهما:

1) محو فكرة ارتباط السياسة بالدين الإسلامي.

2) إبادة تدريجية بطيئة مادية ومعنوية وفكرية للجيل القائم فعلا والموجود من معتنقي الفكرة.أ.هـ.

وقد اكتفينا بهذا الجزء من الوثيقة، ومن أراد المزيد فليرجع إليها في كتاب “الطريق إلى جماعة المسلمين”، لمحمد حسين جابر يرحمه الله.

أضف تعليقك