أشهر الفقراء سلاح المقاطعة، في وجه موجة الغلاء غير المسبوقة التي تشهدها مصر في ظل حكم العسكر الفاشل، حيث أصبحت المقاطعة هي السلاح الوحيد الذي يستطيع الفقير أن يعبر به عن رفضه لهذا الغلاء الفاحش.
وتوالت حملات مقاطعة شراء السلع، التي اشتعلت أسعارها في الفترة الأخيرة، والتي يطلقها النشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.
"خليها تعفن"
فعندما ارتفعت أسعار الأسماك في المحافظات الساحلية على وجه الخصوص، وبالرغم من تأكيد التجار أن الارتفاع لا دخل لهم فيه، إلا أن مواطنين قرروا في ذروة غضبهم من ارتفاع أسعار جميع السلع تقريبًا، مقاطعة السمك وتدشين حملة "خليها تعفن"، وهي الحملة التي انتشرت كالنار في الهشيم.
وكانت الأسماك هي الملاذ الوحيد للمواطن لانخفاض أسعارها مقارنة باللحوم والدواجن؛ إلا أنها دخلت حاليًا ضمن السلع ذات الأسعار الجنونية، في الوقت الذي لا تقوم حكومة الانقلاب بأي نوع من الرقابة على الأسواق.
وأعلن محمد عثمان منسق الحملة، أنه لوحظ تراجع كبير في القوة الشرائية للأسماك في محافظة الإسماعيلية، فيما أكد مراقبون أن الحملة نجحت في غالبية المحافظات التي دُشنت فيها، وفي الوقت نفسه قلل خبراء من إمكانية نجاح مثل هذه الحملات فيما فشلت فيه حكومة الانقلاب، وهي خفض الأسعار.
وإثر بداية الحملة أعلن بعض تجار الأسماك، عن إغلاق محالهم بسبب الأسعار وعدم قدرة المواطنين على شراء السمك، حيث سجل سعر كيلو السمك البوري65 جنيهًا والبلطي 40 جنيهًا، فيما وصل سعر كيلو الجمبري الصغير إلى 250 جنيهًا والمتوسط 320 جنيهًا والجامبو 440 جنيهًا، وتراوح سعر كيلو السبيط بين 170 جنيهًا و190، والتونة الماكريل بين 50 جنيهًا و60.
ليست الحملة الأولى
لم تكن حملة مقاطعة الأسماك هي الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل الغلاء الفاحش الذي يهاجم الفقراء، فقد دشن نشطاء ومواطنون حملة "بلاها لحمة" للامتناع عن شراء اللحمة بعد وصول سعرها 100 جنيه، ومع بداية أول يوم من شهر رجب 2017 وقبل حلول شهر رمضان، بدأت الأسعار في الارتفاع خاصة اللحوم التي وصل سعرها إلي 120 جنيها، الأمر الذي دفع الأهالي إلي تدشين الحملة لمقاطعة اللحوم نهائيًا، حتى ينخفض سعرها والإفصاح عن مصدرها، خاصة بعد انتشار عمليات ذبح الحمير المتكررة، والتي كان آخرها قضية ذبح 39 حمارًا بقرية بني فيز التابعة لمركز صدفا بأسيوط منذ قرابة 15 يوما.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي ترتفع فيها أسعار اللحوم في بلد يقع نحو 40 % من سكانه تحت خط الفقر بحسب تصريحات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بل كانت هناك زيادة قبيل كل مناسبة يكون فيها اللحم طبقًا أساسيًا كجزء من الاحتفال، مثل عيد الأضحى وشهر رمضان المبارك.
وفي سبتمبر من العام الماضي، أطلق نشطاء عبر موقع "فيس بوك" حملة لمواجهة الزيادة المتوقعة في أسعار خدمة الاتصالات، وذلك بعد نحو أسبوع من المصادقة على قانون "القيمة المضافة" الذي من شأنه رفع أسعار السلع والخدمات.
الحملة، التي رفعت شعار "مش هنشحن"، طالبت بضرورة الوقوف ضد زيادة أسعار الخدمة الجديدة، التي قد تصل إلى 22% بعد تطبيق الضريبة، كما دعت إلى الامتناع عن شراء بطاقات المحمول وشحنها.
وتبعت حملة "مش هنشحن" أخرى تدعى "ثورة الإنترنت"، انطلقت في فبراير 2014م ونجحت بعض أهدافها في استقطاب نحو مليون متابع عبر موقع فيس بوك لمواجهة غلاء خدمات الاتصالات في مصر وسوء الأداء.
ودعت حملة "مش هنشحن" إلى إقالة وزير الاتصالات بحكومة الانقلاب ياسر القاضي لعدم تنفيذ وعوده بتحسين الخدمة ولتجاهله الإنترنت والاتصالات، وفق بيان للحملة.
ويؤكد خبراء أن مثل هذه الحملات لن تؤثر بشكل كبير على الأسعار، ولا يجب أن يعوَّل عليها في خفض الأسعار أو إعادة الأمور إلى نصابها، ذلك لأن علاج مثل هذه الأزمات يكون بعلاج مسبباتها والتي هي معروفة للجميع، من ارتفاع أسعار الدولار وتراجع السياحة، بسبب السياسات الفاشلة لحكومة الانقلاب.
وتعاني مصر في ظل حكم العسكر من انخفاضًا ملحوظًا في الإنتاج وقلة المعروض على حساب زيادة الطلب على السلع والقدرة الشرائية، وهو الأمر الذي يتسبب في اندلاع أغلب أزمات ارتفاع أسعار السلع، لتتوالى الأزمات في الوقت الذي ينشغل فيه العسكر بالقمع وإلقاء المعارضين في السجون، ويبقى الضحية هو المواطن الفقير الذي لا يفكر فيه أحد.
أضف تعليقك