• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

"الوقت يُداهمنا يا زلمة"، ففي مثل هذه الأيام من العام المقبل، يكون "مولد الانتخابات" الرئاسية منصوباً في مصر، وكلما اقترب الموعد شعر أهل الحكم بالهلع، فكان الحديث عن تعديل مواد الدستور، للنص على أن الدورة الرئاسية هي ست سنوات بدلاً من أربع سنوات!

المادة (140) من دستور القوم في مصر، تنص على أن إجراءات الانتخابات الرئاسية تبدأ قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يوماً على الأقل، على أن تعلن قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوماً على الأقل. وإذا كان إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الحالية كان في يوم 4 يونيو سنة 2014، فالمعنى أن بداية الإجراءات ستكون في بداية فبراير 2018، ليتم تحديد موعد الانتخابات خلال شهرين من هذا التاريخ، حتى يتسنى إعلانها في 4 أو 5 مايو على الأكثر، وقبل انتهاء مدة الرئاسة بثلاثين يوماً على الأقل، وإن كان الرئيس الجديد، سيستلم الحكم في اليوم التالي لانتهاء ولاية الرئيس القائم!

وهكذا فإن تحرك النائب "إسماعيل نصر الدين" لتعديل النص الدستوري الخاص بمدة الرئاسة ليس من فراغ، ولا يمكن لمثلي أن يتعامل مع تحرك النائب على أنه يأتي بعيداً عن دوائر الحكم، فهو نائب سابق بالحزب الوطني المنحل، كما أن هذا البرلمان هو من الاختيار الحر المباشر للأجهزة الأمنية وهو قبضتها، وهذا النائب هو في النهاية عضو سابق في الحزب الوطني المنحل، وليس في صحيفة سوابقه ما يؤكد أن لديه اهتمامات تشريعية أو رؤية في القوانين!

واللافت أن رئاسة مجلس النواب تتجاهل الموقف، فلا تبدي رأياً فيه رغم الصخب الإعلامي الذي أحدثه إعلان النائب أنه يقوم بجمع توقيعات النواب على طلبه تعديل مواد الدستور، فهو يخرج من برنامج تلفزيوني إلى برنامج، ومن أستوديو إلى صحيفة، ولا يكاد ينتهي في برنامج حتى نشاهده على برنامج آخر عبر الهاتف، ليصبح من النواب النجوم، بضربة حظ، وبين عشية وضحاها!

عندما هاجم إبراهيم عيسي في برنامجه على قناة "القاهرة والناس" ما قال إنه توجه لمجلس النواب لتعديل الدستور ليتم النص على أن دورة الانتخابات الرئاسية ست سنوات، بدلاً من أربع سنوات، هاج رئيس البرلمان "علي عبد العال" وماج، وقال إن الدستور يمنع تعديل النصوص الخاصة بانتخابات رئاسة الجمهورية. فهل كان إبراهيم عيسي مطلعاً على مخططهم، وعندما خرج به للرأي العام، أزعجتهم الفضيحة لأن المخطط كان في بدايته ولم يتم الاتفاق على إخراجه بعد، والإثم هو ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس؟!

في الواقع، أن محاولات تعديل الدستور بدأت مبكراً ومنذ إعلان فوز عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية التي أجراها بنفسه، وكان ما يحدث دائماً هو محاولة "لجس النبض"، والمعلن، حتى يتم منح الرئيس مزيداً من الصلاحيات، وعلى أساس أن لجنة الخمسين تآمرت عليه قبل انتخابه فجارت على صلاحياته!

وقبل الانتخابات البرلمانية وبعدها ارتفعت الأصوات تطالب بتعديل المادة الخاصة بانتخابات رئيس الجمهورية، وأحسب أنني كنت من الذين اكتشفوا مبكراً هذا المانع الدستوري من تعديل هذه المادة، لأنني كلما أثيرت قضية دستورية عدت للدستور لأقرأ نصوصه، وهي عادة قديمة، كانت وراء ضبطي لأستاذ بكلية الحقوق ورئيس جامعة القاهرة الآن، جابر نصار متلبساً بالجهل، عندما قال في معرض اعتراضه على دستور 2013، إن الإخوان حرصوا على بقاء مجلس الشورى "الغرفة التشريعية الثانية" ليضمنوا سيطرتهم على الصحافة القومية، وكتبت حينئذ إن الدستور جعل ممثل المالك هنا هو المجلس الأعلى للإعلام، وسحب هذا الامتياز من مجلس الشورى!

المادة (226) من الدستور الحالي حددت إجراءات تعديل مادة أو أكثر من الدستور، فلرئيس الجمهورية أو لخُمس أعضاء البرلمان أن يتقدموا بطلب بذلك لمجلس النواب، الذي يناقشه فإذا وافقت الأغلبية على طلب التعديل، تناقش المواد المطلوب تعديلها وتكون الموافقة بعد المناقشة بأغلبية الثلثين، ثم يعرض التعديل للاستفتاء الشعبي!
وهذه المادة تمنع تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو بمبادئ الحرية والمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات. وليس من الضمانات أن تصبح دورة الرئاسة ست سنوات.

النص الخاص بالمدة ليس فقط المطلوب تعديله، فما لا يعلن عنه هو تعديل التحصين الوارد في المادة (234) لموقع وزير الدفاع الذي يشل يد السيسي فلا يمكنه عزله، وهذا النص فضلاً عن النصوص الأخرى التي تحد من صلاحيات رئيس الجمهورية، وضعت في وقت كان المقرر فيه أن يستمر السيسي وزيراً للدفاع، فلم يكن مؤامرة عليه، ولم يوضع الدستور بحسن النوايا كما يقول السيسي في وقت سابق ليفتح المزاد لتعديله!

لا شك أن فتح الباب للحديث الآن حول تعديل الدستور، إنما يؤكد أن السيسي خائف من غد يفقد فيه السيطرة، رغم أنه يبدو مهيمناً وتبدو معارضته في أضعف حالاتها، وحديث التعديلات هو لإعادة "جس النبض"، لكن إذا فشلت فسيلعب بعد ذلك في الوقت الضائع، لأن إجراءات التعديل طويلة، فمجلس النواب يناقش طلب التعديل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه، وبعد الموافقة المبدئية، تكون الموافقة النهائية بعد ستين يوما من تاريخ الموافقة المبدئية، ليكون العرض للاستفتاء خلال ثلاثة أشهر، والوقت يداهمنا يا زلمة.
والسؤال: ممن يخاف السيسي؟!

أضف تعليقك