"التغيير في الكلمات هو سُنة الحياة، فمصر كانت أم الدنيا وأصبحت أم الفساد "مقولة قرأتها لجلال عامر تلخّص شكل الحياة في مصر.
حسناً.. لا تتعجب من اختفاء ما يقارب 33 مليار جنيه من الميزانية العامة للدولة، فإهدار المال العام في مصر دائماً ما يمر مرور الكرام، وقليلاً ما تجد كبش فداء يحاسب حفظاً لماء الوجه، والكثير من التصريحات التي ستنفي الخبر.
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، فلا يكاد يمر يوم أو أسبوع إلا وتقرأ في الصحف القومية أو التابعة للنظام بقضيه رشوة أو اختفاء ملايين الجنيهات، ويقيَّد الحادث ضد مجهول.
في 27 يونيو/حزيران 2016 تمت سرقة 7 ملايين جنيه من مكتب بريد إيتاي البارود، ولم يتم الكشف عن الجناة حتى الآن، والحادث الأكثر طرافة هو سرقة 87 ألف جنيه من خرينة مديرية أمن الإسكندرية يوم 17 أغسطس/آب 2016، وأيضاً الفاعل مجهول.
لا تتعجب عندما تجد وزير الزراعة السابق صلاح هلال متهماً في قضية رشوة مقابل تسهيل الاستيلاء على أراضي الدولة، وحُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وغرامة مليون جنيه، وهذا لا علاقة له بقضية أخرى تسمى رشوة وزارة الزراعة، التي حكم فيها على مهندسين تابعين للوزارة بأحكام من 3 إلى 13 سنة.
كما هو معلوم للجميع لا يتولى أي شخص منصباً قيادياً في الحكومة إلا بعد تحريات أمنية تثبت جدارته لتولي هذا المنصب، ولكن مع كل قضية تثار عن الفساد نكتشف أن الدولة تختار الكثير من الفاسدين لتولي الأمور، مثل وزير التموين السابق خالد حنفي، والتلاعب في أوراق توريدات وهمية من القمح المحلي بما يقارب 70 مليون دولار، واستغلال أموال الشعب بالإقامة في فندق بالقاهرة بملايين الجنيهات، بل والأدهى هو مهاجمته للشعب في مداخلة تليفونية في أحد البرامج واستنكاره لمن يتساءلون عن الملايين المهدرة، وهو يجيب بأنه من ماله الخاص، وهي حرية شخصية، وهو لا يعلم أنه كمسؤول يجب أن يحاسب من الشعب، كما يحدث في كل دول العالم (هل نحن دولة أساساً؟).
في السابق عندما قال المستشار هشام جنينة إن الفساد في مصر للرُّكَب كان يكذب، فالفساد تجاوز الرأس في مصر، وما زال الفساد مستمراً.
قضية مجلس الدولة وضبط 200 مليون جنيه في منزل مدير عام المشتريات والتوريدات جمال اللبان، وتم اتهام نائب رئيس مجلس الدولة المستشار وائل شلبي في القضية، وبعد أقل من 24 ساعة يفاجأ الرأي العام بانتحار وائل شلبي في غرفة محبسه.. وانتهت القضية.
وهناك أيضا مستشار وزير المالية المتهم في قضية رشوة مقابل استغلال وظيفته لتسهيل بعض الأعمال لمن يرشوه.
أما عن الأموال المهربة للخارج من قِبل الرئيس الأسبق حسني مبارك، فقد أعلن المدعي العام مايكل لوبر، في مؤتمر صحفي فور وصوله إلى سويسرا، بعد زيارة قام بها إلى مصر في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بأن ملف أموال مبارك التي تبلغ 600 مليون فرنك سيغلق قريباً؛ نظراً لعدم اتهامه في أي قضايا جنائية في مصر، إذاً الـ600 مليون فرنك المجمدة في بنوك سويسرا هي ماله الشخصي.
يبدو أن مبارك كانت له وظيفة أخرى بعد الظهر، فمرتبه كرئيس طوال 30 عاماً لا يكفي حتى مصاريف دراسة جمال مبارك في لندن.
النماذج والأرقام السابقة حقيقية ومنشورة في صحف ووسائل إعلام قومية، فقط مجمعة حتى يرى الجميع بالأرقام أن الفساد في مصر معتاد في معظم الوزارات ويبدأ من الوزير شخصياً، وليس الوزارات فقط، ولكن في معظم الأجهزة الحكومية.
عند اكتشاف أي قضية فساد يغضب الرأي العام، وتنهال السخرية على الحكومة على السوشيال ميديا لأيام، وبعدها يعود كل شيء كما كان، وقليلاً ما تأتي ساعة الحساب على الفاسدين.
لك أن تعرف أنه في تقرير لمنظمة الشفافية الدولية يصرح بأن الرشوة أمر عادي في السودان واليمن ومصر.
بعد كل هذا لا أجد أي مبرر لعزل المستشار هشام جنينة بسبب تصريحاته عن حجم الفساد في مصر، فكل ما قاله الرجل كان على حق، وإذا كنت تتحدث عن الحق في مصر فيجب أن تعاقَب.
أضف تعليقك